الذين يبيعون منتجات الربح السريع من النت أناس يسعون لتحقيق ثروة طائلة بطريقة سريعة, والذين يشترون هذه المنتجات أيضا أناس يسعون لتحقيق ثروة لكن بطريقة أسرع. أي أن البائع والمشتري يسعون لتحقيق هدف واحد ألا وهو الربح السريع. فبائع هذه المنتجات كان مشترياً لها بالأمس وبدون تطبيق وبدون تحقيق ربح تحول ألى بائع خبير, والمشتري اليوم قد يتحول غدا ألى بائع لنفس المنتجات وهكذا دواليك, فالشاطر من يقنع أكثر, الشاطر من يتكلم أكثر, الشاطر من يلعب على عواطف الناس أكثر.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه علينا الآن, لماذا يشتري الكثير من الناس هذه المنتجات بدون تفكير؟
الاجابة على هذا السؤال حسب وجهة نظري كالتالي:
الذين يشترون منتجات الربح السريع من النت ينقسمون إلى ثلاثة فئات:
الفئة الاولى: وتخص الاشخاص الحالمين الذين يحلمون بالثراء في غمضة عين بدون تعب أو مجهود, بدون الاستعداد لتعلم أي حرفة أو اكتساب أي مهارة.
الفئة الثانية: وتخص الأفراد المصابين بمرض نفسي يسمى ” Shopping Bulimia” وترجمته الحرفية ” النهم التسوقي أو الشره العصبي للتسوق” الأشخاص المصابين بهذا المرض يقبلون على شراء سلع معينة بنهم يتعدى الحد الطبيعي, وهم لا يشترون هذه المنتجات لحجاتهم إليها, بل يقبلون على شرائها فقط من أجل الشعور بالراحة النفسية أو لتقليل حدة القلق أو الضغوط العصبية.
أفراد هذه المجموعة يختلفون في نوع السلع التي يقبلون على شرائها, فهناك من يرتاح نفسيا لشراء الملابس ذات الماركات العالمية حتى وإن لم تكن تناسبه, حتى وإن لم يرتديها. المهم أن يشتريها ويمتلكها. هناك أيضا من يميل لاقتناء الاجهزة الالكترونية, كأجهزة التليفون المحمول أو الكمبيوتر, أو الأي باد.. الخ, وهناك أيضا من يشتري منتجات الربح السريع من النت لأنه يحب هذا المجال حتى وإن لم يكن يخطط للخوض فيه.
وهناك أيضا نوع مثقف جدا وهو النوع الذي يدمن شراء الكتب سواء أكانت إلكترونية أو ورقية لكن للأسف يشريها ويحتفظ بها في مكتبته وبالكاد قد يقرا صفحة أو صفحتين من كل كتاب أو قد لا يقرا منها اي شيء بالمرة.
الفئة الثالثة: وتخص الأشخاص عديمي الخبرة في مجال الربح من النت الذي يصدقون كل ما يقال لهم بلا تحري أو تفكير. فهم يصدقون الكلام المعسول والوعود الخاوية بأنهم يستطيعون تحقيق ثروة طائلة في أمد قصير.
أتمنى أن يفيد هذا المقال الأشخاص الذين ينتمون إلى الفئتين الاولى والثانية, أقول ذلك مع علمي تمام العلم بأنهم لا يحتجون فقط إلى مقال أو كتاب ليتعظوا به, بل يحتاجون أيضاً إلى طبيب نفسي ليساعدهم على اصلاح ما أفسده الدهر, وكفى بالله شافياً.
هذا المقال موجه بالأساس لأصحاب الفئة الثالثة, الأشخاص عديمي الخبرة, سنطرح في هذا المقال عدة معايير ستمكنهم من التعرف على مدى جودة منتج ما, وهل يستحق الشراء أم لا؟ لكن قبل الخوض في هذه المعايير في هذا علينا أن نتساءل:
هل هناك فعلاً ربح من النت؟
هذا السؤال لا ينبغي أن يسأل لأن الإجابة عليه بديهية, نعم هناك ربح من النت, فطالما هناك بشر, وهناك مصالح وتعاملات وسلع فالتجارة ممكنه حتى وان كانت في العالم الافتراضي, وبالفعل هناك الكثير من استطاع أن يحقق مئات الألاف من الدولارات عن طريق النت, لكن الذين ربحوا ويربحون من الانترنت لم يحقق هذا النجاح, في غمضة عين أو بضغطة زر بل حققوا نجاحهم من خلال:
1- التعلم
2- التخطيط
3- التطبيق
4- المثابرة
الربح السريع مناقض لقانون الحياة الطبيعي, فقانون الحياة الطبيعي يقول أنك لكي تحصل على شيء لابد أن تبذل شيء بالمقابل لتحصل على ما تريد, أنا معك أن هناك أناس يكسرون هذه القاعدة ويحققون ثروات هائلة بسرعة, وذلك بأتباع طرق غير شرعية كالتجارة المخدرات أو السرقة أو النصب, أو المقامرة, وهناك من يحقق ثروة سريعة عن طريق الحظ كربح جائزة ما كما يحدث مثلا في برنامج من يربح المليون … لكن هل تسعى لأن تغتني من الحرام؟ أم تسعى لأن تغتني بالصدفة؟ أم تريد رزق حالا خالية من أي شبة؟ حتى ولو فرضا أنك ربحت مليون دولار بالصدفة, فالتجربة الحياتية اثبتت أن هؤلاء الذين يحققون ثروات هائلة بسرعة وبدون مجهود يخسرون هذه الاموال بسرعة وبدون مجهود أيضا وساعتها يكون التعب النفسي والشقاء أضعاف ما كانوا يشعرون به قبل حصولهم على الثروة المفاجئة, أما الذين يحققون ثرواتهم عن طريق الكد والتعب يظلون أغنياء طول العمر, حتى وإن خسروا أموالهم يعودون من جديد ويحققون ثروة اخرى وذلك لأنهم يعرفون الطريق.. يعرفون الوصفة السرية التي اكتسبوها بالخبرة والتعلم والبذل.
والأن سنركز على المعايير التي بها نتعرف على مدى جودة أي منتج يتكلم عن الربح السريع من النت
1- عبارات الربح السريع من النت:
إذا وجدت في صفحة شراح المنتج (سواء أكان كتاب أو سوفت وير), عبارات مثل “أربح من الانترنت بسرعة” أو أربح بغمضة عين, أو اربح بضغطة زر, أو أي عبارة قريبة من ذلك, فأعلم أن هذا المنتج ينطوي على مؤامرة مقصدها استنزاف أموالك, كما قلنا الربح السريع منافي لقانون الحياة الطبيعي, فأن لم تكن تعرف جيدا ما الذي ستبذله من أجل الحصول على هذه الأموال, إذا فلا ربح تستطيع تحقيقه بالمرة.
2- قيود على العرض (المدة أو الكمية)
إذا ذكر صاحب المنتج في صفحة اشراء أنه خلال مدة ما أو نفاذ كمية محددة سينتهي هذا العرض ولن تجد في أي مكان أخر بعد ذلك, وأن عليك أن تأخذ قرار الشراء الأن حتى لا تضيع هذه الفرصة السانحة. إذا صادفت شيء مثل هذا فأعلم أن هذه المنتج بلا قيمة, وذلك لأن عرضا من هذا النوع منافي لأصول التجارة, فالتاجر الحقيقي يشجع زبائنه ليشروا سلعته دوما, بالطبع هناك عروض تجارية من شركات كبيرة تضع قيود على عروضها لكن يقولون أن بعد فترة محددة أو بعد نفاذ كمية محددة سيرتفع السعر, لكني لم أسمع أبدا شركة ما تقول لابد أن تشتري منتجي الأن وإلا بعد قليل سيختفي هذا المنتج من على وجه البسيطة, هذا كلام شخص لم يبذل مجهود في هذا المنتج أليس كذلك؟
3- وصفة لمنتج أم قصة نجاح
في صفحة الشراء ولو لاحظت ان صاحب المنتج يقص عليك قصة حياته وكيف ان كان يعمل في وظيفة مملة براتب ضئيل لا يتناسب مع ساعات العمل الطويلة التي كان يعملها, وكيف أن ترك هذه الوظيفة بعد أن حقق مئات الالاف عن طريق الانترنت, وأنك تستطيع أن تصبح مثله إذا طبقت وصفته السرية الموجودة داخل المنتج, إذا قام أيضا باطلاعك على العديد من الشيكات بالمبالغ التي تحصل عليها نتيجة تطبيق ما جاء في منتجه أو أطلعك على صوره وهو يقود سيارة فارهة, أو وهو مسترخي على شواطئ ميامي لكنه لم يطلعك على تفصيل المنتج نفسه فأعلم أن صاحب المنتج هذا نصاب وأن منتجه لا يستحق أن تدفع في أموالك.
4- ثقة صاحب المنتج في نفسه وفي منتجه
لابد أن تعرف هل صاحب المنتج يثق فيما يعرضه من منتجات أم لا؟ وتستطيع أن تتعرف على ذلك من صفحة الشراء نفسها, فمثلا إذا كان المنتج عبارة عن برنامج (سوفت وير) فعليه أن يتيح لك الفرصة أن تستخدم هذا البرنامج لفترة تجريبية محددة, أما أن كان المنتج كتاب فعليه أن يوضح لك على الأقل جدول محتويات هذا الكتاب.
5- أسرار وحيل
لو قال البائع أن منتجه يحتوي على بعض الأسرار والحيل التي تمكنك من الربح السريع, فأعلم أن هذه الأسرار والحيل لا قيمة لها, لأن كل أنسان عليه أن يجرب بنفسه وأن يستخدم مبدا المحاولة والخطأ لكي يكون له أسراره وحيلة الخاصة, فأسرار وحيل غيرك قد تنتهي صلاحيتها بانتهاء مدة محددة, وقد تتفق مع ظروف بيئية تختلف عن ظروف بيئتك, فما يصلح في في بلد لا يصلح بالضرورة في بلد أخر.
6- شهادات الزبائن السابقين
شهادة الزبائن السابقين حول منتج ما قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة, لذا لا تعول كثيرا على شهادة من قبلك في شراء منتج ما وخاصة على الإنترنت, وبالأخص من أناس لا تعرفهم, فأي شخص يستطيع أن يحصل على شهادة مئات الزبائن حول منتج رديء, فهناك من يعرض منتجه على بعض الناس بالمجان مقابل أن يثنوا عليه حتى قبل أن يحصلوا عليه. أقول مرة أخرى أن شهادة الزبائن قد تكون صادقة بالفعل لكن لا تعول عليها وحدها أثناء الشراء.
هذه هي أهم ستة معايير لاختبار أي منتج قبل شرائه من الأنترنت, وفي نهاية المقال أود أن أوضح أن هناك منتجات قيمة تقدم لك معلومات جيدة عن كيفية الربح من النت, فأنا في هذا المقال لا أعمم, بل تناولت فقط عينة معينة من المنتجات التي تتحدث عن الربح السريع من النت الذي لا يحدث أبدا.
تستطيع أن تربح من النت بطرق كثيرة, فإما أن تقدم خدمة متميزة, أو منتج عالي الجودة, واعلم أنك طالما بذلت مجهودا في شيء ما فأن الله لن يضيع أجر من أحسن عملاً.